التربية

  ما هــي الطريقة الأمثـــل؟

• إحدى المهام التي أسندت إليك وتحاول القيام بها هي التربية-الاهتمام بالطفل- وفي كل مرة عليك اتخاذ قرار معين أوعدم اتخاذ أي قرار،فتقلق حيال ما عليك أخذه بعين الاعتبار أوعدم النظر فيه.

إن ماعليك فهمه هو أن الأطفال يأتون من خلالك فقط وهم لا يأتون منك.هم ليسوا ملكك لتديرهم بالشكل الذي تراه مناسبا لك،لا ليسوا كذلك،إن تعاملت معهم على أنهم ملكيتك أو كاستثمار مستقبلي،فإنك ترتكب نوعا من الانتهاك ضد الخلق والخالق وسيكون هناك ثمن تدفعه،ببساطة قد يأتي هذا عن طريق الحياة ذاتها،أو ربما سيأتي عن طريق أبنائك وسيكون من المؤسف أن نرى ذلك.وهذا أمر قاس جدا بالنسبة للوالدين كما أنه أسلوب قاس جدا في تربية طفل.

   إعلم أنك بطرق عدة أنت تفعل كل شيء ممكن لتبقي ابنك معتمدا عليك بطريقة أو بأخرى،أنت لا تفكر بأن تحرره وأنت نفسك لا ترغب التعلق بأحد ولا أن يتعلق بك أحد،حتى زوجتك ترفض لها التعلق بك،ولكن أبناءك تريدهم أن يتعلقوا بك! فإذن،قبل أن تختار أن تنجب الأطفال يجب أن تفكر في هذه الأشياء.لكن،إن كان قد حدث بالفعل،على الأقل…الآن يجب أن تفكر بالموضوع بشكل صحيح وبجدية وفي أمر واحد وهو : إذا ما كنت ترغب في إنتاج ما هو أفضل قليلا من نفسك للعالم،وإذا أنجبت طفلا يجب أن يكون أفضل منك بخطوة واحدة على الأقل،وإلا ستكرر نفسك مرة أخرى ،فما الفائدة؟ 

إذا،يجب أن يحدث ماهو أفضل منك.هذا يعني أن أول وأهم شيء هو أن تكون مستقيما مئة في المئة حتى لو أنك مستقيم بشكل محرج من المهم أن تكون مستقيما مئة بالمئة.هذا شيء صعب جدا على معظم الآباء،لأنه المكان الوحيد حيث يمكنهم إعطاء الأوامر ولديهم جمهور ملتزم وهو أطفالهم وفي أي مكان آخر يتحدثون لا أحد سوف يصغي إليهم.الأطفال حتى سن الثانية عشرة ـ الثالثة عشرة هو عمر خطر وإلى أن يبلغوا هذا العمر اعتبر نفسك لديك جمهورا ملتزم.والكثير قد يفقد هذا أيضا وفي وقت أقرب.

   فما الذي يجب فعله؟

   حتى لا يحدث هذا،توقف عن تربيتهم….نعم،توقف عن تربيتهم،ما يحتاجون إليه هو صحبة جيدة وليس مديرا رهيبا يتجول في المنزل.فأنت عندما كنت تكبر،أكان يعجبك عندما كانوا يخاطبونك بفوقية؟هل كان يعجبك ذلك؟ طبعا لا،فإذن ما يحتاجونه هو صديق،لا يحتاجون إلى أب و أم قاسيين هذا العمل قد انتهى،الأبوة والأمومة تعني إنجاب الأطفال بيولوجيا وهذا الأمر قد تم،الآن هم يحاولون أن يكونوا حياة بمفردهم ما يحتاجون إليه هو صديق،الميزة الوحيدة التي تتمتع بها عنهم أو تتفوق بها عليهم هي أنك أتيت إلى هذه الحياة قبلهم ببضع سنوات،هذا كل ما لديك،ماذا لديك غير ذلك؟ هل أنت متأكد من أنك أكثر ذكاء من ابنك؟هل أنت متأكد فعلا؟

فإذن،أهم شيء عليك فهمه هو أنك أتيت إلى هنا قبلهم بسنوات قليلة،وكل ما قمت به هو ذاك..أنك هبطت هنا قبلهم بسنوات قليلة فقط،ما عدا ذلك ليس لديك أية مؤهلات أخرى كي تملي ما ينبغي عليهم القيام به وعدم القيام به،لكن الاعتبار الآخر هو أنك إن لم تخبرهم أنت فشخص آخر غير مؤهل في الشارع قد يقوم بنصحهم،عليك فقط حمايتهم من ذلك لكن،إن كان عليك أن تحميهم يجب أن تمتلك الشجاعة الكافية لتربيتهم بطريقة أنهم سوف لن يأخذوا بأية نصيحة،حتى منك أنت أيضا،إذا قلت لابنك: »يجب أن تسمع كلامي لك،لا تستمع إلى صديقك الذي يقول لك أن تفعل كذا وكذا.. » سيجيبك طفلك:  » لكن ما يقوله الصديق يبدو أكثر متعة من الهراء الذي تتحدث عنه!!« .هذه حقيقة،أليس كذلك؟ لذا لن ينجح الأمر هكذا،إذا كنت تربي طفلك ليكون لديه ذلك الحس القوي بذكائه الخاص وأنه سيد قراراته،حينها سترى…سوف يطلب منك المساعدة،لأنه سيدرك بسهولة أن ذكاءه أو فهمه ليس جيدا بما يكفي لحل كل الأمور،أما إذا ربيته على أن يسمع كلامك بالغصب سيرد بالتمرد،حتى إذا قيل له أشياء جيدة لن ينفذ،سيفعل عكس ذلك،هذا شيء يعاني منه معظم الأهل.ابنك يريد دائما أن يفعل العكس،فقط كي يشعر بالاستقلالية لأنه لا يعرف معنى الاستقلال الذاتي.لذا،عامله كأي  شخص آخر وليس بطريقة « هذا طفلي،هذا طفلي » هو ليس لك،على الأكثر قمت بإعطاء بعض المادة الوراثية لخلق جسد ما،أنت لا تستطيع خلق الحياة،لا تُكَون شعورا بالعظمة على نفسك،لا يمكنك خلق حياة،أنت فقط زودت بعض المواد،بعض المادة الوراثية لتكوين الجسد،أجل..وأنك أيضا لم تفكر حتى بكل هذه الأشياء،هذا حدث نتيجة غرائزك،تقوم بشيء ما وها هم يأتون…لذا،أدرك أن الطفل ليس من صنعك،إنه امتياز..إمتياز أنهم يأتون من خلالك،تمتع به،قدره واحترمه،ولا تسئ استخدامه لأنه أُعطي لك وهذا مهم جدا.

 إن معظم الأباء لا يخلقون الجو المناسب لنمو الأبناء،أنت تربيهم كما تريدهم أنت أن يكونوا،وليس بالطريقة المطلوبة للحياة.فهم لديهم حس هائل من الملاحظة،وحسن الملاحظة هذا بطبيعة الحال ينتج مليون سؤال،فتجيبهم على أكبر عدد ممكن من الأسئلة،بالطريقة التي تعرفها…وما لا تعرفه أجبهم عنه بقولك فقط: « أنا لا أعرف،ومشكلتي الوحيدة هي أنني أتيت قبلكم ببضع سنوات وهذا لايعني أنني أعرف كل شيء »،إعترف بذلك لأطفالك،ما المشكلة؟ فأنت إن كنت تحشو عقولهم بالهراء،أتعتقد بأنهم لا يستطيعون قراءة « لغة جسدك » وبأنك لست صادقا تمام الصدق بما تقوله؟ أتعتقد أنهم لا يستطيعون رؤية ذلك؟!

إذا كنت تعتقد أنهم لا يمكنهم رؤية ذلك أريدك أن تعرف،أنه عندما يبلغون سن العاشرة–الثانية عشرة وحتى الثالثة عشر،إذا كانت لديهم مشكلة ما في داخلهم لن يلجؤوا إليك،سيذهبون إلى أصدقائهم،لماذا؟ لأنهم يشعرون أن أصدقاءهم أكثر صدقا منك،لا يوجد سبب آخر،هذا هو..أنت تتصرف وكأنك مالك الكون،من يريد سماع تفاهتك؟هكذا سيبدو لهم الأمر،لن يسمعوا كلامك،لذا…فقط تعامل مع هذا الامتياز بعقلانية وباحترام،أنت عليك حمايتهم من التأثيرات الخاطئة،عدا ذلك،أتركهم أحرارا،إذا كنت تعتقد أنهم سوف يرتكبون الأخطاء على أي حال،فلابد وأنك تعلم ذلك من خلال تجربتك الشخصية فلا تكن واثقا جدا من نفسك وتربكهم بتوقعاتك الزائدة وتقول: « أطفالي لابد أن يخطئوا ».فقط قم بحمايتهم،عليك أن تحميهم قليلا من التأثيرات الخاطئة لكن في نفس الوقت يجب أن يظلوا متحررين من تأثيراتك التي هي بذاتها قد تكون سيئة.فأنت إذا أظهرت لهم أن ما تقوم به له قيمة حقيقية وأنك على استعداد لاستثمار حياتك في هذا،ألن يستثمر أطفالك حياتهم في ذلك أيضا؟وأنت إذا لم تظهر هذا الالتزام،إن لم تظهر هكذا انخراط بالحياة وتتوقع منهم أن يصبحوا رائعين،أو ما شابه،فذلك لن يحدث ولن يستمعوا إليك،إنهم يراقبون ما تفعله وكيف تكون،لذا…إذا كنت تريد تربية الأطفال.رجاء،قم بتنشئة نفسك أولا،لا تقلق حيالهم،فقط ابن نفسك لتكون إنسانا رائعا،إصنع نفسك على هذا النحو وسيظهر ذلك،لا يمكن أن يسوء الأمر..والضمانة…لا يوجد…كما في كل شيء في الحياة لا يوجد أي ضمانة،لأنه قد يكون هناك تأثير ما أقوى على قارعة الطريق،أليس كذلك؟.

• بقلـــم: عائشة بنعـبو